جاذبية شخصه
"اُجْذُبْنِي وَرَاءَكَ فَنَجْرِيَ" ( نشيد 1: 4 )
ما أعظم الجاذبية التي لا بد أن كانت في شخص الرب للعين والقلب اللذين استضاءا بنور الروح القدس، والرُّسُل هم خير شاهد على ذلك.
فهم لم يعرفوا عنه إلا قليلاً من الوجهة التعليمية، ولم يستفيدوا شيئًا من بقائهم معه من الوجهة المادية، ومع ذلك فقد أمسكوا به، وتعلقوا بشخصه. ولا يمكن أن يُقال إنهم استفادوا من قوته على عمل المعجزات.
فعندنا من الأسباب ما يجعلنا نحكم بأنه، عادة، لم يستخدم هذه القوة لهم، ومع ذلك فقد مكثوا معه، ولأجل خاطره تركوا بيوتهم وأهلهم. فأي تأثير كان لشخصيته على النفوس التي أعطاها له الآب! إننا نحتاج إلى معرفته شخصيًا أكثر مما نعرفه الآن.
لقد كانت للرُّسُل هذه المعرفة في تلك الأيام الأولى، فشعَرَت نفوسهم بقوة تلك المعرفة وسلطانها عليهم. وإننا محتاجون إلى الكثير منها. قد نكون مشغولين بمعرفة حقائق عنه، وقد نكون حاذقين في ذلك، ولكن التلاميذ مع بساطتهم يتركوننا مع كل معلوماتنا خلفهم، وبعيدًا عنهم في ميدان محبتهم وعواطفهم نحوه.
ولا أتردد في أن أقول بأنه جيد لنا أن تنقاد قلوبنا إليه بجاذبية شخصه، أكثر مما تنقاد بمعرفتنا عنه (أعني المعرفة التعليمية). إن من أخص مميزات الإيمان المسيحي وسر قوته، هو أن كل ما فيه وكل ما يُقدِّمه متجمع في شخص.
وهذا ما قد جعله قويًا حيث ضعف كل شيء آخر، فليس لنا مجرد خلاص، بل أيضًا مُخلِّص، وليس لنا فداء فقط، بل أيضًا فادٍ. ويا له من فرق هائل، بين أن تخضع نفوسنا لدستور مُعقد مليء بالقوانين، وبين أن نرمي بأنفسنا على قلب ينبض! بين قبول نظام، وبين التعلُّق بشخص حاضر وحي لجميع العصور والأجيال. شَخْصُهُ نَادَانِي دَمُهُ افْتَدَانِي حُبُّهُ أَتَى بِي لِلصَّلِيبْ يَا لَعُظْمِ نِعْمَةِ الْحَبِيبْ.
بقلم/ بللت
إضافة تعليق جديد